19 - 06 - 2024

مؤشرات | غزة بين العرب والعالم والصهيونية.. ومن يعرف هدفه؟

مؤشرات | غزة بين العرب والعالم والصهيونية.. ومن يعرف هدفه؟

فكرة المواجهة العربية عسكريًا مع إسرائيل أمر مستحيل، وغير وارد في قاموس السياسة العربية، وهو ما أثبتته كل االأفعال في عمليات العدوان العسكرية الصهيونية على الأراضي العربية خلال العقود الأربعة الأخيرة.

هناك حسابات معقدة ومصالح ودبلوماسية مختلفة كليًا، وإتفاقيات موقعة بين إسرائيل وعدد من دولنا العربية، محكومة بشروط وبنود من الصعب تجاوزها، ويبقى من الوارد تجميد بعض من تلك الإتفاقيات، والتلويح بإلغاء إتفاقية هنا أو هناك.

ومع علم إسرائيل وإدراكها بذلك ، فالصهيونية لا تحترم أي شئ، وتعرف أهدافها،  وبينها تفريغ قطاع غزة بما في ذلك رفح من كل مقومات الحياة، والقيام بأكبر عملية تشتيت للفلسطينيين، من تدمير كلي لكل أخضر ويابس، وكل شئ حي على الأرض، وأي شئ متحرك يظهر أمامهم.

والواقع يقول أن هذا ما يجري على الأرض، ففي الوقت الذي يطالب به البعض بعدم قيام الكيان الصهيوني بعملية (واسعة) واقتحام بري لرفح، فهو يقوم بذلك عمليًا، وهذا ما تؤكدة تقارير لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).

وفي تصريحات للمفوض العام لـ(أونروا)، "فيليب لازاريني"، كشف عن إجبار 800 ألف شخص على الفرار من رفح في غضون 12 يومًا فقط، منذ بدء العمليات العسكرية الإسرائيلية في المدينة في 6 مايو الجاري، أي ما يزيد عن نصف عدد النازحين من كل مناطق غزة إلي رفح.

ما كتبه "لازاريني" بحسابه على منصة إكس "تويتر سابقا" خطير ومروع، فنصف سكان رفح، على الطريق، بعد أن أجبروا على الفرار منذ أن بدأت القوات الإسرائيلية العملية العسكرية في المنطقة في 6 مايو الجاري، استجابة لأوامر الإخلاء التي تطالب الناس بالفرار إلى ما يسمى بالمناطق الآمنة، وقد توجه الناس بشكل رئيسي إلى المناطق الوسطى وخانيونس بما في ذلك المباني المدمرة، بل ومنذ أن بدأت الحرب في غزة، اضطر الفلسطينيون إلى الفرار مرات عدة بحثًا عن الأمان الذي لم ولن يجدوه أبدًا بما في ذلك ملاجئ الأونروا، والتي لم تنج من عمليات الإستهداف.

والأخطر في كلام "لازاريني" أنه وعندما يتحرك الناس، يكونون مكشوفين، دون ممر آمن أو حماية، وفي كل مرة، يضطرون إلى ترك ممتلكاتهم القليلة وراءهم من فرش وخيام وأدوات الطبخ ولوازم أساسية لا يستطيعون حملها أو دفع ثمن نقلها، وفي كل مرة، عليهم أن يبدأوا من الصفر، ومن جديد، بالرغم من أن المناطق التي يفر إليها الناس الآن لا تتمتع بإمدادات المياه الصالحة للشرب أو مرافق الصرف الصحي، ليبقوا في العراء مع القليل من المباني أو الطرق أو عدم وجودها على الإطلاق.

وكذب المفوض العام في "الأونروا" كل الادعاءات بأن الناس في غزة يمكنهم الانتقال إلى مناطق (آمنة) أو (إنسانية) وفي كل مرة، تتعرض حياة المدنيين لخطر جسيم، فلا يوجد في غزة أي مناطق آمنة، ولا يوجد مكان آمن، ولا أحد في أمان.

والجوع يواجه كل أهل غزة ورفح منها، فمنذ 6 مايو تمكنت 33 شاحنة مساعدات فقط من الوصول إلى جنوب غزة، وهذا عدد ضئيل وسط الاحتياجات الإنسانية المتزايدة والنزوح الجماعي.

وفي ظل حجم االمأساة هذا، مازال العالم صامتًا، أمام مجزرة متكاملة الأركان، يتعرض لها الفلسطينيون في غزة، فوفقًا لإحصائيات دولية، تم إلقاء 77 ألف طن متفجرات على قطاع غزة خلال 255 يوما، من 7 أاكتوبر 2023، حتى 18 مايو 2024، وتجاوزت الخسائر 33 مليار دولار، وتم تدمير كلي لـ87 ألف وحدة، و 297 ألف وحدة تدميرا جزئيا على أيدي القوات الصهيونية.

وخرجت 33 مستشفى و55 مركزا صحيا من الخدمة، مع 45386 شهديا ومفقودا فلسطينيًا، منهم 10000 مفقود، و35386 شهيدًا سجلتهم المستشفيات، بينهم 15162 شهيدا من الأطفال، فيما يوجد 17 ألف طفل يعيشون بدون والديهم أو بدون أحدهما، وفي جرائم ضد الإنسانية تم انتشال 520 شهيدًا من 7 مقابر جماعية داخل المستشفيات، بينما هناك 11 ألف جريح بحاجة للسفر للعلاج وإجراء عمليات.

في ظل فجاعة تلك الأرقام يطالب العالم بضبط النفس، وتخرج الجامعة العربية بالمطالبة بـ(خروج) القوات الإسرائيلية (الصهيونية) من قطاع غزة، وإدانة للعمليات العدوانية ضد الفلسطينيين، تسير إسرائيل في اتجاهها العدواني، ويجري صراع على كيفية إستكماال الإبادة لسكان غزة، وبأي ثمن وبأي طريقة.

وهذا ما يطالب به "بيني جانتس"، الوزير في حكومة الحرب الإسرائيلية، مهددا بانسحاب حزبه من حكومة الحرب الإسرائيلية إذا لم يلب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مطالبه، بالالتزام برؤية متفق عليها للحرب في غزة تشمل تحديد الجهة التي قد تحكم القطاع بعد انتهاء الحرب في قطاع غزة.

وحدد خطة من 6 نقاط بحلول 8 من يونيو، تتضمن إعادة عشرات المحتجزين، وإنهاء حكم حماس، وتجريد قطاع غزة من السلاح، وإنشاء إدارة دولية للشؤون المدنية، مع بذل جهود تطبيع العلاقات مع السعودية.

نفهم من ذلك أن الكيان الصهيوني في مسعاه للتدمير الكلي لقطاع غزة، وعزل أهله عن الحياة، وتشريدهم، مع العمل على تحييد السعودية وإدخالها قطاع التطبيع، وتستخدم كل قوى التطرف الصهيونية، وغيرها كل الوسائل والصغوط لتحقيق كل ذلك.

المعلومات والوقائع والتوقعات كلها تشير وتؤكد النهج الصهيوني، والذي يتحقق كل يوم، وستظل سياسة المماطلة هي العنوان الأبرز في هذا الصراع، الذي كاد ينهي شهره الثامن، وما زلنا نرفع شعار الوهم في سلام مع كيان صهيوني نازي لا يعترف بأي مواثيق، وأهدافه محددة.
---------------------------------
بقلم: محمود الحضري

مقالات اخرى للكاتب

مؤشرات | (رغيف العيش) .. أمن اجتماعي وغذائي





اعلان